كأس العالم والإعلام السويدي غير المحايد

: 11/26/22, 10:30 AM
Updated: 11/27/22, 11:57 AM
كأس العالم والإعلام السويدي غير المحايد

المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس

الكومبس – رأي: أنا لا أكتب هنا للدفاع عن الدولة أو النظام القطري فأنا أعلم جيداً أن قطر فازت بتنظيم المونديال من خلال الفساد كما أنها لم تكن منصفة أبداً في أعمالها التحضيرية للمونديال وأن إساءة معاملة العمال الوافدين في قطر مشكلة حقيقية لا غبار عليها ولا أحد ولا حتى حكومة قطر تستطيع الهروب منها، فقد أقرت حكومة قطر بالمشكلة كما أنها اعترفت بمشروعية الانتقادات الموجهة إليها ووعدت بسلسلة من الإصلاحات لقوانين العمل.

أكتب هنا لأن وسائل الإعلام السويدية الرسمية وكمنتج للمحتوى يجب أن تستند فيما تعرضه إلى الاستقلال عن المصالح السياسية والمالية والتجارية، ويجب عليها أن تكون في جميع تقاريرها واقعية ومحايدة. لكن بالنسبة لوسائل الإعلام السويدية الرسمية (إعلام الخدمة العامة) كانت حقوق الإنسان في قطر موضوع مراجعة لم تتلقاه شيئاً من البلدان السابقة المضيفة لكأس العالم.

أكتب هنا لأنني أشعر أن وسائل الإعلام السويدية الرسمية وغير الرسمية وكذلك وسائل الإعلام الغربية تضع البلدان الإسلامية في معيار مزدوج منافق وتكيل بمكيالين وهو ما لا أقبل به أنا وكثيرون. لم تتم إثارة أي من هذه القضايا المثارة الآن ضد روسيا قبل أربع سنوات عند استضافتها للمونديال رغم إساءة روسيا الأقليات الدينية والمثلية الجنسية والتي تتعلق بالصدفة بقطر، فلم تتفاعل وسائل الإعلام الرسمية السويدية بالطريقة نفسها حتى بعد أن احتلت روسيا شبه جزيرةالقرم قبل كأس العالم في روسيا 2018.

المثلية الجنسية‏ مجرمة في روسيا بوتين الأرثوذكسية المسيحية تماماً كما هو الحال في قطر المسلمة وسبعة دول أخرى مشاركة فى المونديال هذا العام. وقبل أن تتم إساءة فهمي أحب أن وضح أنني اعتقد يأنه ينبغي منح جميع البشر نفس حقوق الإنسان الأساسية، لكن ما نحتاج إلى فهمه هنا هو أنه عندما يتعلق الأمر بالثقافة والدين فإن الناس لديهم آراء ومعتقدات مختلفة عنك وعني. نحن البشر متشابهون في كثير ومختلفون أيضاً في الوقت نفسه. المفتاح هو أن نكون ناضجين حيال ذلك وقبوله وعدم إلقاء نوبات الغضب التي تلقي بالإساءات المعادية للإسلام على ثقافة وبلد بالكاد نفهمه.

‏في الثالث والعشرين من شهر مايو 2022 أوضح أمير قطر أن الجميع مرحب بهم في قطر من دون استثناء بمن فيهم المثليون وأن كل ما يجب على الجميع هو احترامه هو الثقافة القطرية والإسلامية.

لقد قطع العديد من نشطاء مجتمع الميم والمدعوم من وسائل الإعلام الرسمية السويدية بدوام كامل شوطاً كبيراً في احتجاجاتهم ضد قطر لكن النقطة المهمة التي يتناسونها متعمدين هي أن لكل دولة قواعدها وقوانينها الخاصة والتي يجب على جميع الزوار احترامها.

على سبيل المثال فإن سن بيع المشروبات الكحولية في السويد هو 18 عام ولكن في الولايات المتحدة الأمريكية يبلغ السن 21 عاماً، وبغض النظر عن مدى رغبة الزائر السويدي البالغ من العمر 18 عاماً‏ في الولايات المتحدة في تقديم شكوى بشأن قوانين بيع المشروبات الكحولية الأمريكية فلن يكون قادراً على شراء المشروبات الكحولية. لقد قامت وسائل الإعلام الرسميةالسويدية بنشر آراء متعددة للذين يعتقدون بأنه ليس من الممكن مشاهدة مباراة لكرة القدم من دون احتساء الجعة في الملعب. لقد أحسست وكثيرون غيري وكأنه ازدراء وغطرسة تجاه ثقافة ودين الآخرين.

‏المشكلة الرئيسية هنا هي أن الغرب يحاول بكل قوة فرض قيمه على العالم العربي والإسلامي حتى مع تغير القيم والأخلاق الغربية باستمرار والتي تتطور من وقت إلى آخر. لقد كان زواج المثليين غير قانوني في أستراليا قبل بضع سنوات فقط، كما أن الإجهاض كان قانونياً في الولايات المتحدة الأمريكية لما يقرب من 50 عاماً قبل أن يتم تجريمه مؤخراً في عشرات الولايات الجنوبية من الولايات المتحدة الأمريكية.، الإجهاض قانوني في السويد اليوم لكن من دون تغيير في القواعد الأساسية الحاكمة له يمكن أن يكون الاجهاض مادة قابلة للتغيير.

في نهاية المطاف يجب على وسائل الإعلام الرسمية السويدية المدعومة من أموال دافعي الضرائب في السويد التوقف عن النقد القهري وأن يتوقفوا عن اندفاعهم لإدانة‏ وتأسيس كل شيء في العالم العربى والإسلامي. كأس العالم هي مجرد بطولة كرة قدم فدعونا فقط نستمتع بمشاهدة كرة القدم ودعونا نستمتع بالتنظيم الرائع لدولة قطر للمونديال العالمي والمقامة لأول مرة في الشرق الاوسط وفي دولة عربية وإسلامية في دورتها الثانية والعشرين.

عمرو الحسيني

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.